المتابعون

09/09/2019

الكاف التونسية.. مدينة الحب والحضارة والاديان وايقونة التعايش السلمي

الكاف التونسية.. مدينة الحب والحضارة والأديان وايقونة التعايش السلمي رمزًا من رموز الانفتاح على مختلف الدّيانات السماوية ومفتاحًا للتسامح والتعايش بينها مجهودات حثيثة من المسؤولين على التراث لاعادة ترميم معبد “الغريبة” الذي يعتبر جزءًا من الموروث الثقافي والحضاري والديني ويمكن أن يصير مسلكًا سياحيًا للجهة، وأن يلعب دورًا للتنمية والسياحة الثقافيّة * معبد “الغريبة” يضم ثاني أقدم نسخة توراة في العالم وتمّ التدخل لحماية محتوياته في انتظار عملية الترميم وإعادة تأثيثه بكل مكوناته * مقبرة في الجهة تضم قبور اليهود والمُسلمين والمسيحيين، وهي متحاذية ومتجاورة في مرتفعات الشمال الغربي التونسي تقع مدينة الكاف، أو كما تعرف لدى الرومان القُدماء باسم "سِكّا فِنِيرِيَا" ، ظلت إلى الآن رمزًا من رموز الانفتاح على مختلف الدّيانات السماوية، ومفتاحًا للتسامح والتعايش بينها. يتوسط قلب المدينة العتيقة، الجامع، والكنيسة الرومانية، ومعبد اليهود، أو كما يطلق عليه "بالكنيس اليهودي"، مجتمعين في نسيج فسيفسائي، ومشكلّين ثالوثًا يوحي بالتآخي، والتعايش الإنساني، والدّيني. كما اتخذ المسلمون والمسيحيون واليهود، ممن مروا على هذه المدينة عبر عصورٍ وعاشوا فيها لأزمان مختلفة، مقابر متاخمة لبعضهم البعض، فاختاروا لذلك جبل "سيدي منصور" المطل على المدينة، حتى يكون مستقرّهم الأخير، فقد كان المسلم، والمسيحي، واليهودي، متجاورين في حياتهم وحتّى مماتهم رغم اختلاف عقائدهم. وقد عُرفت الكاف باحتضانها لديانات عديدة، وبكثرة أماكن العبادة فيها، فقلب المدينة شاهد على ذلك، فالكنيس اليهودي مثلًا يتوسط جامع سيدي بومخلوف، وكنيسة بطرس، التي تموقعت قبالة جامع سيدي البكّوش". كما ان ”البيعة اليهودية أو ما يسمى بالغريبة، ترجع إلى الأسطورة التي تقول بأن هناك 3 أخوات يهوديات تفارقن، إحداهن استقرت في عنابة الجزائريّة، والثانية في جزيرة جربة جنوب شرق تونس، والثالثة في الكاف شمال غرب تونس، هو مكان تعبد للجالية اليهودية، التي كانت تقطن في حي يسمى بالحارة، حيث كان اليهود يعملون بالتجارة والصناعات التقليديّة، وأنشطة اقتصاديّة أخرى". ولعل أكبر جالية يهودية في ولاية الكاف ، كانت تقطن في ريف مدينة السرس التابعة للولاية، وتسمى "البحوسي"، وكان نشاطهم يتركز أساسًا على كل ما هو فلاحة وتربية الأغنام". فمنذ 1994 تمّت عملية صيانة الغريبة وتدشينه، فهو يعتبر من الموروث الثقافي والحضاري والدّيني لمدينة الكاف، كما أنه يجسد حوار الحضارات والتسَامح بين الأديان" ففي السنوات التي تلت ثورة يناير 2011 أهملت هذا الموروث، وسط غياب الصيانة والعناية والتدخل، وهنا لا نخص بالذكر الغريبة فحسب، بل العديد من المعالم والآثار الأخرى في الكاف، تشكو بعض النقائص ما يجعلها مهددة بالاندثار والسقوط". والجدير بالذكر ان المسؤولين في الكاف عن التراث يقومون باتصالات وحملات تشجعية لجمع تبرعات لإعادة فتح الغريبة ، الذي يعتبره الأهالي جزءًا من ذاكرة الكاف، والموروث الثقافي والحضاري والديني لها، وهو ما قد يمكن من أن يصير مسلكًا سياحيًا للجهة، وأن يلعب دورًا لتنمية والسياحة الثقافيّة بجهة الكاف". ويضم هذا المعلم ثاني أقدم نسخة توراة في العالم بحسب الأخصائيين، وقد تمّ التدخل لحماية محتوياته، في انتظار عملية الترميم وإعادة تأثيثه بكل مكوناته". كما ان هناك خصوصية أخرى تحظى بها مدينة الكاف وهي تكمن في المقبرة، التي تضم قبور اليهود والمُسلمين والمسيحيين، وهي متحاذية ومتجاورة، منذ سنوات ما يعطي للكاف مميزات استثنائيّة لا نجدها في أماكن أخرى". وبالعودة إلى التّاريخ فإنه في سنة 1881 عندما فرضت الحماية الفرنسية على تونس، كانت هناك 3 آلاف عائلة تعيش في الكاف 600 منهم أصولهم يهوديّة". ففي فترة الستينات وحتى منتصف الثمانيات كان يعيش المسلمين في حي واحد مع يهود ومسيحين، يتقاسمون أفراحهم وأتراحهم، ولا شيء يفرقهم رّغم اختلاف عقائدهم، كانوا يعيشون في تسامح وسلام. . ويعد معبد اليهود بمدينة الكاف الثاني في تونس، التي تعرف بدورها معبدًا مماثلًا في جزيرة جربة "غريبة جربة" يأتيها اليهود من مختلف أنحاء العالم لأداء مناسكهم وطقوسهم في أيار/مايو من كل سنة، ويبلغ عدد اليهود الذّين يعيشون في تونس قرابَة 1500 يهودي. ويقول احد المسؤولين عن الاثار في مدينة الكاف: "أردنا أن يكون هذا المعلم (الغريبة) مزارًا منذ آلاف السنين على غرار نظيره في جربة، فقد كان اليهود يزورنه لأداء ما يعرف بحج اليهود من 1994 حتى 2004، ولكن تم إهماله فيما بعد حتى أنه تعرض لاعتداء بعد ثورة 2011 من قبل متشددين". وفي جانب ليس ببعيد عن الغريبة، تقع كنيسة القديس بطرس، قبالة أحد الجوامع الشهيرة في المدينة "جامع سيدي البكّوش" وتعود الكنيسة إلى القرن الرابع الميلادي، وقد رممت عام 1982، وهي بحسب الزواري، "تجسد مظهرًا من مظاهر تعايش الأديان والحضارات والشعوب بمدينة الكاف". وأضاف: "كأننا في مسلك حوار للحضارات عبر التاريخ، فهناك أماكن عبادة كان يتردد عليها المسلمون والمسيحيون واليهود على حدّ سواء للتبرك ولإقامة بعض الطقوس فيها، مثل مزارة سيدي عبد القادر داخل البيعة".

ليست هناك تعليقات: