Abdulkader Alguneid(عبدالقادر الجنيد)
*
٢ نوفمبر ٢٠١٩
السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون، زار مسقط ٦ مرات ليتحدث مع محمد عبدالسلام فليتة، المتحدث بإسم الحوثي والمسؤول عن المفاوضات الخارجية للحركة الحوثية في الخارج سواء مع حسن نصر الله في بيروت أو خامنئي في قم أو جواد ظريف في طهران أو وزارة خارجية روسيا في موسكو.
وقد تغدى السفير البريطاني في منزل المتحدث الحوثي بحضور بقية الطقم الذي لا يفارقه في أسفاره ومقابلاته: العجري والشامي.
يقول آرون، بأنه قد فصفص وفكفك المشكلة اليمنية، ووجد بأن أركانها كالتالي:
**
أولا: صراع السعودية مع الحوثي
**
١- "السعودية تريد أن تنهي الصراع مع الحوثي بما يوافق مصلحتها الوطنية"
٢- "علاقة الحوثيين بالسعودية كانت جيدة عبر التاريخ.
كانت علاقتهم جيدة في الماضي، ويمكن أن تصبح جيدة مرة أخرى. ونعتقد أن ذلك سيصب في مصلحة اليمن والحوثيين والسعودية"
٣- "وإن أصبحت هذه العلاقة- بين الحوثيين والسعودية- جيدة، فلماذا يحتاج الحوثيون إيران؟
لأنهم إذا أرادوا التعاون والدعم لاحقاً، فسيتوجّهون إلى السعودية"
٤- "لا يعتقد السفير البريطاني بأن العلاقات الدينية بين الحوثيين والسعودية كانت قوية تاريخيا ويعتقد بأن هذه الأشياء تتغير"
٥- "وأي اتفاق لا يغير المعطيات على الأرض، حيث تسيطر مجموعة سياسية أو دينية صغيرة على أجزاء كبيرة من البلد بما فيه العاصمة، غير مقبول.
ويدخل ذلك في إطار المفاوضات التي يستعد مارتن غريفيث لقيادتها"
٦- "زار غريفيث صنعاء منذ يومين، ويذهب إلى الرياض للحديث مع الحكومة، كما يتحدث مع (الانتقالي) وجميع الأطراف.
وسيصل إلى خطة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة"
٧- "النجاح الحاصل في التهدئة العسكرية بين السعوديين والحوثيين، يسير بطريقة مرضية"
وكل جانب يصرح بترحيبه بتصريحات الجانب الآخر
**
ثانيا: عمل إتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثي
**
كل ما قاله السفير بهذا الشأن، قد هو مذكور أعلاه وهو أنه لا يجوز أن تسيطر جماعة دينية صغيرة على أجزاء كبيرة من البلاد.
**
ثالثا: عمل إتفاقية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي
**
يقول السفير البريطاني:
"ندعم جهود السعودية، وجهود الأمير خالد بن سلمان (نائب وزير الدفاع السعودي) في مسألة الجنوب والملف اليمني... بشكل عام؛ نعتقد أن للسعودية دوراً مهماً، وندعمه"
أي أن هذا الموضوع كله متروك للسعودية والإمارات، وكل ما سيستطيعون فرضه أو تمريره، فإنه سيحظى بتأييد السفير وبلاده.
***
كان هذا هو كلام السفير.
والآن، نبدي رأينا في كلام السفير الذي نشرته اليوم جريدة الشرق الأوسط السعودية، التي تصدر من لندن.
**
أولا: ندخل في عقل الحوثي
**
١- الحوثي، على يقين بأنه قد انتصر عسكريا
٢- الحوثي، يريد أن يترجم انتصاراته إلى مكاسب سياسية لمائة سنة قادمة
٣- الحوثي، قد انتصر على قرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي اللذين قد أصبحوا يتعاملون معه على أنه طرف من أطراف الصراع في اليمن وليس جهة انقلابية منبوذة عليها قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع
٤- الحوثي، يريد مكاسب آنية عاجلة مثل فتح مطار صنعاء وتلقي مساعدات من الأمم المتحدة وحتى من السعودية التي تحاربهم
٥- الحوثي، يريد أن يبقي سيطرته على دخل ميناء الحديدة ونهب تهامة والإتاوات والضرائب عل مصانع تعز ومزارع تهامة وإب وكل مكان تحت سيطرته
٦- الحوثي، لن يتخلى أبدا عن سلاحه وميليشياته.
الكلام عن تخليه عن دباباته وصواريخه وطائراته المسيرة، كلام فارغ لأنه لا يحتاج لهذه الأسلحة لسيطرته على اليمنيين، فهي تستعمل فقط لزيادة غرامة السعوديين عندما يتدخلون عسكريا.
٧- الحوثي، قد جرح وآذى وخطف وسجن وأخفى وفجر وقتل وقصف كل حي من أحياء اليمن، وهو يعلم معنى هذا.
ولن يأمن الحوثي جانب أي أحد في اليمن، ولن يتخلى عن سلاحه وقوته وميليشياته.
٨- الحوثي، قد طعم السلطة والسيطرة والتمجيد والتهليل ولن يستسيغ أن يعود شخصا عاديا مثل باقي خلق الله.
والكل، يعرف معنى طعم السلطة والسيطرة بما فيهم السفير البريطاني
٩- الحوثي، لن يقبل حتى بوضع مشابه لحسن نصر الله في لبنان الذي يسيطر عليها ويحرك الأشياء والوزراء والجماعات ارتكازا على قوة عسكرية هائلة بمساعدة إيران.
١٠- الحوثي، لن يتخلى عن علاقته بحزب الله وإيران.
ليس لأسباب جعفرية زيدية جارودية أو ما شابه ذلك من خرابيط كما يعتقد سعادة السفير ولكن لأسباب لها علاقة بالسلطة والسيطرة ودخولهم في عمق التركيبة العسكرية للحركة الحوثية خلال عشرين سنة أو أكثر.
كل شيئ حوثي، هو على الطريقة الإيرانية:
اللجان الشعبية، هم البيسيج
المشرفون، هم المشرفون
الجيش الرزامي والقبلي، هم الحرس الثوري
الجيش الذي ورثوه من صالح، هو الجيش الموروث من الشاه
حراس ولي الله المرشد العام، هم كتائب الحسين
كل شيئ حوثي، هو إيراني المنبت والهوى ، وسعادة السفير يقول لنا بأنه سيغيره أو سيتغير بنفسه ذاتيا مقابل شوية فلوس سعودي.
والحوثي، قد جرب صداقة إيران.
والحوثي، يرى ما تفعله السعودية والإمارات بأصدقاءها.
الحوثي، لن يستبدل أبدا صداقة إيران بالسعودية والإمارات.
١١- الحوثي، يعتقد بأنه أدهى من السفير البريطاني وأي مفاوض سعودي، وأنهم سيحصلون منهم على كل ما يريدون بدون أن يعملوا أي شيئ أو يسلموا أي مكاسب على الأرض.
الحوثيون، يعرفون بأنهم أدهى وأمكر وأكثر صبرا ومراوغة ولف ودوران من مايكل آرون وجريفثس وأي مفاوض سعودي، ويعرفون بأنهم سيسلمون لهم بكل ما يشاؤون كما تلاعبوا بهم من قبل في جينيف والكويت وستوكهولم وترتيبات إعادة انتشار القوات في الحديدة
١٢- الحوثي- بالإضافة إلى تراثه الأسري والسلالي والمناطقي في التعامل مع السياسة ولعبة الحكم والسيطرة- فإنه يرتكز على المدرسة الإيرانية الفارسية الشيعية في المفاوضات والتعنتات التي دوخت بأوباما وترامب وكل الأوروبيين.
الحوثي، لن يتخلى أبدا عن التشاور مع إيران وتنفيذ نصائحها.
وإيران، لن تتخلى عن الحوثي.
وسعادة السفير مايكل آرون، يقول بأن الحوثي سيترك إيران ويأخذ ما يحتاجه من السعودية بدلا من إيران.
أصلاً، أي بلد هذه وأي يمن هذا الذي يريد أن يشكله مايكل آرون والذي يتمكن فيها الحوثي وحركته من الحصول على حاجته من السعودية بدلا من الذهاب بعيدا إلى إيران؟
وكيف يتوقع مايكل آرون أن يستسيغ اليمنيون كلامه هذا؟
وما هي الخدمات التي سيقدمها الحوثي للسعودية مقابل أموالها؟
١٣- سعادة السفير آرون، لا يتطرق أبدا لمأساة تهامة والحديدة التي كانت فريسة دائما للمتنمرين والتي يعتقد الحوثي بأنه الوريث وصاحب الحق في نهبها وإن من يريد انتزاعها منهم يجب أن يحصل عليها بالقوة كما حصل هو عليها.
١٤- سعادة السفير البريطاني مايكل آرون، لا يدرك أن هناك تطلعات لبناء دولة مدنية ومجتمع مدني داخل اليمن، وأن الاعتصامات والانتفاضات التي عمت البلاد والتي أطاحت بالنظام السابق، كان جزء كبير منها التطلع لدولة يمنية مدنية.
١٥- سعادة السفير البريطاني مايكل آرون، لا يتكلم عن المرجعيات الثلاث التي لا يمكن أن يستقر اليمن بدونها.
أن لا أدري كيف يمكن أن نصل إلى "حل سياسي شامل" بدون مخرجات الحوار الوطني والدستور، الذي يرفضه الحوثي شكلا وموضوعا
والذي يبدو بأن مارتين جريفثس ومايكل آرون، يتغافلونه مجاملة ومسايرة ومراضاة ومداراة للحوثي.
**
الخلاصة
**
١- أنا لن أنصح السعودية، فهي أدرى بمصلحتها.
ولكن إذا وافقت السعودية على أطروحات السفير مايكل آرون وطريقة تفكيكه وفهمه للوضع في اليمن واقتراحاته لحل المشكلة اليمنية- بحسب مقابلة صحيفة الشرق الأوسط- ، فإن الناس والشعوب يراقبون وصفحات التاريخ تدون كل شيئ.
ستدون صفحات التاريخ بأن الحوثي وإيران، قد هزموا السعودية في اليمن.
وستدون صفحات التاريخ بأن السعودية خذلت شعب اليمن، وهو يتعرض لهجمة سلالية حوثية وإيرانية.
٢- أنا لا أدري ماذا أزيد أن أقول لحكومة ورئاسة الشرعية، فقد أحبطتونا وأبكيتونا، ونحن لم نتوقف عن دعمكم وإسنادكم.
نحن لن ندينكم بسبب ضعفكم وقلة حيلتكم وقلة حنكتكم- وكلهن تستحق الإدانة وليست قضاء محتوما عليكم- ولكننا ندينكم على تشققاتكم وتناحراتكم التي هي بيدكم وتدفع قيمتها كل اليمن.
٣- لعل أبلغ مشهد على عقم التحالف ورئاسة وحكومة الشرعية، هو الوضع في تعز.
مدينة محاصرة مقصوفة مقنوصة، وتؤيد الشرعية والتحالف بكل روحها وأطيافها ومكوناتها، ولكن تترك فريسة للصراعات الحزبية والأطماع المحلية والفساد والمفاتنات من داخل الشرعية والسعودية والإمارات.
كل مشاكل تعز، يمكن حلها بعدة قرارات رئاسية وباهتمام أفضل من التحالف وبدون مفاتنات.
٤- لم نعرف ماذا كانت مائدة الغداء التي قدمها متحدث الحوثي فليتة للسفير البريطاني آرون.
ولكن نستطيع أن نتخيل الشفوت والعصيد والسَّلتة والمرق والكبش على صحن من الأرز.
...وطبعا بنت الصحن الغارقة في العسل.
عبدالقادر الجنيد
٢ نوفمبر ٢٠١٩