المتابعون

07/01/2020

خطر عودة نظام الاقطاب للنظام الدولي على المنطقة والانسانية

إعادت نشر مقال .

خطر عودة نظام الأقطاب للنظام الدولي علي المنطقة والانسانية ...

مكين الكوكباني ...
13 اكتوبر 2017

نبدأ هذا المقال بنبذة مختصرة عن النظام الدولي الذي ساد القرن الماضي.

(1)- نظام تعدد الاقطاب ساد الفترة (1900م - 1945م ) وأدي الي اندلاع الحرب العالمية الاولي والثانية وتسبب في إبادة اكثر من مئتين مليون من البشر وتدمير كامل للعديد من المدن.

(2)- نظام القطبين استمر لفترة (45)عام من(1945ﻡ – 1990م) كنظام دولي حاكم لتوازنات النفوذ والقوة والمصالح  وتمكن من فك الاشتباك بين الكوريتين  وايقاف الحرب الثلاثية على مصر في خمسينات القرن الماضي واستطاع إخماد أزمة الصواريخ في كوبا والتي كادت أن تؤدي الي ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ نووية بين القطبين وادار حروب الانابة في كل من فيتنام وافغانستان في فترات لاحقة.

(3)- لم يصمد نظام القطب الواحد سوي عشرون عام (1990م – 2010م) فقد كان العام (2011م) بداية افول القطب الاوحد.

(4)- عودة نظام تعدد الاقطاب للنظام الدولي منذ مطلع العام (2011م) وغالبا هذا النظام سيؤدي الى حرب عالمية ثالثة .
ولإسباب عديدة من اهمها ان نظام تعدد الأقطاب يطغي عليه الفوضى  فخسارة قطب لمصالحه  في مكان ما من العالم قد يفجر حرب عالمية وفيما يلي اهم المتغيرات في النظام الدولي القائم حاليا ...

أولا: تراجع هيمنة القوى الغربية علي النظام الدولي ...

  بعد تحول الصين الي مصنع عالمي منذ ملطع الالفية الثالثة, تراجعت القوة الاقتصادية الغربية فتحولت الدول الغربية من ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ الي مستهلك, ونتيجة لذلك اضطرت الدول الغربية الي الاستدانة بهدف الحفاض علي المستوي المعيشي المرتفع لشعوبها الأمر الذي ﺍﺻﺎﺏ  الغرب ﺑﺎﻹﺩﻣﺎﻥ علي الاستدانة من ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ  ما جعل من حقيقة الاقتصاد الغربي اقتصاد مفلس.

ثانيا; تراجع النفوذ الأمريكي على النظام الدولي ...

استنزفت الحرب الأمريكية في كل من افغانستان والعراق للاقتصاد الامريكي نتج عنها أزمة اقتصادية ضخمة في امريكا والعالم فجرتها ازمة الرهن العقاري عام 2008ﻡ وادت الي افلاس وانهيار كبريات المؤسسات والشركات الامريكية فدخلت الصين بما لديها من  فائض ﻧﻘﺪﻱ ضخم واستحوذت ﻋﻠﻲ ﻣﻌﻀﻢ الشركات  ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻴﺔ بأقل ﺍﻻﺳﻌﺎﺭ ودفعت مليارات الدولارات للحكومة الفدرالية الامريكية  لإنقاذ الكثير من مؤسسات وشركات التامين والانتاج مقابل فوائد ضخمة, وايضا ساهمت الصين في استثمار فائضها النقدي في اذون الخزانة الامريكية بفوائد اضخم منها.

وايضا الوضع المريض للاقتصاد الغربي عموما والامريكي خصوصا يعني ان امريكا لم يعد لها القدرة علي تمويل أي حرب في المنطقة أو أي مكان اخر من العالم لذا كان قرار الرحيل الأمريكي من المنطقة العربية مشروط بتدمير المنطقة  العربية حتي لا تتحول الي مزرعة خلفية للصين او ترس في دواليب الانتاج والقوة الاقتصادية الصينية الصاعدة.

ما يعني ان الاقتصادي الغربي في  كل  ﻣﻦ ﺍﻭﺭﻭﺑﺎ وامريكا يعاني من حالة افلاس بعد تحول الصين الي مصنع عالمي بعد احتكار أمريكي وأوربي استمر قرابة قرن. 

ثالثا: نذر حرب عالمية ثالثة

بعد تراجع القوة الاقتصادية للغرب حاولت القوي الغربية تأسيس ما سمي بمجموعة الثمانية الكبار بهدف تقاسم النفوذ والمصالح وتعقد اجتماعاتها سنويا ثم تم توسيع العضوية بإضافة اثني عشرة دولة ست دول منها تعطي بما تأمر به القوى الثمان الكبار وست دول اخري تأخذ بما يمن عليها الكبار ايضا, الا ان الامريكي ظل متمسكا ومسيطرا علي القرار الدولي والكعكة العالمية وما يعنيه ذلك من اعطاء اولية للشركات والمصالح الامريكية علي حساب القوي الدولية الصاعدة التي سعت الي تأسيس مجموعة البركس لإزاحة التفرد الامريكي بالقرار الدولي ما يعني تزايد احتمالات المواجهة بين القوي الدولية المتصارعة وغالبا لن تكون تقليدية بل نووية لاسباب عديدة اهمها ان الاقتصاد الامريكي مستنزف ولا يتحمل حرب تلقيدية التي تحتاج الي موارد ضخمة وقد تستمر لوقت طويل،  لذا لم يعد هناك خيارات سوي المواجهة النووية والتي غالبا لن تتجاوز الخمس السنوات القادمة علي أكثر الاحتمالات.

رابعا; اسباب التمسك الامريكي بالقرار الدولي ...

في وقت اصبح فيه الاقتصاد الامريكي يعاني من الضعف فأن أي تنازل امريكي عن السيطرة ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ الدولي يعني انهيار للاقتصاد الامريكي ما يعني ان الامريكي لن يتخلى عن سيطرته الحالية علي القرار الدولي ما يؤكد ان الانسانية مقبلة علي كارثة حرب عالمية ثالثة ...

فالمؤسسات الفدرالية  جاءت بترامب كرئيس صاحب شخصية  قوية  ليقوم بدور البلطجي العالمي حتى يستمر الاستحواذ الامريكي علي القرار الدولي, واذا ما فشل ترامب في المهمة عند ذلك ستبدأ المؤسسات الفدرالية بالدور نفسه من حيث الذهاب خطوات نحو المواجهة مع القوى العالمية الأخرى ما يعني حتما حرب عالمية ثالثة مالم فعلي قادة وموظفي المؤسس

ات الفدرالية الامريكية مغادرة مناصبهم ووظائفهم في ظل مطالبات متزايدة لعدد من الولايات الامريكية بالاستقلال عن الدولة الفدرالية.

فالمشهد العام للقوة الامريكية اليوم هي المعاناة من حالة التراجع من مرتبة القوة الكبرى إلى مرتبة القوة العظمي إضافة إلى تراجع القوى الأوربية بعد الصعود الصاروخي للصين وروسيا ...

خامسا;  القوي الدولية سباق وصراع علي النفوذ.

أفرزت الحرب في سوريا نظاما عالميا ودوليا جديدا يقوم على تعدد الاقطاب وكشفت أن الصراع في سوريا يدور بين محورين محور شرقي بقيادة الدب الروسي وظله الصين ومحور غربي قيادته الولايات المتحدة وظله القارة العحوز, أبرز مشاهد هذه الحرب الكونية أنها تتم بالإنابة عن المحورين تستعر وتتوقف اذا أختلف أو اتفق هذين المحورين.

وايضا هنام سباق صيني وروسي نحو وراثة ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ  ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻲ في اماكن عديدة من العالم، فالصين مثلا تريد ان يكون لها النفوذ على الخليج, الذي تخرج منه معظم الواردات الصينية من الطاقة, وهو التفكير نفسه بالنسبة لإيران فالقوة الامريكية لا تريد تدمير ايران بل تريد تغير النظام فقط بهدف الحفاظ على القوة الايرانية واستخدامها في المواجهة مع القوي الاسيوية الصاعدة التي تشير كل التقديرات إلى أن القرن الحادي والعشرين هو قرن اسيوي بامتياز مالم يأتي جديد حقيقي في المنطقة العربية يغير من معادلات القوة في عالم القوة اليوم

سادسا: المنطقة العربية وخطر عودة تعدد الاقطاب للنظام الدولي.

ظلت الدول المنتجة للسلاح تعاني من ﻣﺨﺰﻭﻧﺎﺗﻬﺎ من الاسلحة التقليدية وتحتاج الي مبالغ مالية للتخلص منها علي اعتبار أن قواعد المواجهة القادمة بين القوي الكبرى قد تغيرت ولن تكون المواجهة القادمة تقليدية بل مواجهة نووية فقط, فحاولت ﺗﻠﻚ الدول التخلص من مخزوناتها من الاسلحة التقليدية من خلال اشعال المنطقة العربية بالحروب بهدف التخلص من خردة الحديد والسموم والبارود وجني اموال طائلة من تلك الخردوات والسموم ...

سابعا;  غياب محور الوسط

محور الوسط منعت من تزعمه ايران واقصيت عن قيادته تركيا بإقصاء اخوان مصر عن الحكم وعجزت السعودية ومصر في قيادته ....فمحور الوسط اذا حضر غابت بحضوره محاور الشرق والغرب.

ولمنع قيام محور وسط اتفق الغرب مع دول الخليج منتصف عام 2011م علي رفع سعر برميل النفط من خمسين دولار للبرميل الواحد علي ان تخصص دول الخليج تلك الزيادة لتمويل الفوضى في المنطقة العربية.

الا أن الغرب ظلت تراوده الشكوك والمخاوف حول توجه السعودية نحو التحالف مع الصين وتحولها الي ترس في دواليب القوة الصينية الصاعدة بحكم ميزان المصالح والتبادل التجاري الصيني والسعودي الخليجي القائم, ومخاوف من تحول الخليج الي حديقة خلفية للصين بعكس ما يخطط له الغرب في احتواء النفوذ الصيني في المنطقة مستقبلاً.

التوصيات ...

علي انظمة المنطقة ان تدرك الخطر المحدق بالمنطقة وان تعمل علي إطفاء الحروب والشحن الطائفي والتركيز علي بناء الانسان والتنمية الاقتصادية والابتعاد عن خطر محاور الصراع للقوي الدولية.

06/01/2020

ذكرى ثورة الملك عبهلة بن كعب العنسي.. ٣٠ ديسمبر

في ال30 من ديسمبر تَحِل علينا ذكرى ثورة الملك عبهلة بن غوث العنسي والتي قادها يوم ال30 من ديسمبر 631 م الموافق 17 ذو المهلة 747 حميري (1832 سبأي) ضد الإحتلال الفارسي والوصاية القرشية على اليمن.
ولمن لازال في عقله غشاوة في فهم ماحصل ، أنصحه بقراءة هذا المقال والذي خطّه القيل Abdurahman Taha بعنوان الثورة القومية اليمنية الاولى .

عبد الرحمن طه

ارتبطت ذكرى الثورة القومية اليمنية الاولى بذكر الملك عبهلة بن كعب بن الغوث العنسي المذحجي والذي عرف بـ "ذي الخمار" وعرف بـ "الأسود" ويأتي بمعنى كبير وسيد قومه بحسب معاجم اللغة العربية .. وقد تسمى بهذا الاسم كثير من سادة ما يعرف (بالعصر الجاهلي) امثال ملك الحيرة الاسود ابن المنذر .. والأسود بن عفار سيد جديس .. والاسود بن المطلب من قريش والاسود بن يعفر النهشلي التميمي ، والاسود بن يزيد النخعي والأسود بن أبي البختري (صحابي) والاسود بن شريق (صحابي) وغيرهم ممن كانوا سادة قومهم ومن كانوا لهم حضوة في التاريخ جعلت التاريخ يدون اسماهم بحروف من ذهب
واسمه عبهلة بن كعب بن الغوث بن عوف بن صعب بن مالك بن عنس المذحجي .. من فخذ بني مالك في عنس يذكر الاخباريين ان ابرز سماته كانت تعصبه الشديد لليمن واليمنيين وكرهه لكل ما هو قادم من خارجها ، وردت سيرته في تاريخ الطبري وكذا في كتاب البداية والنهاية لابن كثير وغيرها من الكتب واغلبها نقلا عن سيف التميمي (المشكوك في مصداقيته) .. ومع اننا لا نعرف الكثير عن الوضع الداخلي في حقبة الاحتلال الفارسي لليمن ، إلا ان كتاب السير ذكروا النزر اليسير في هوامش كتاباتهم عنها وعن الملك عبهلة العنسي وابرز ما جاء فيها انه كان سيدا على مذحج وبعض قبائل اليمن ولذلك سمي بالأسود وتجاهل الإخباريون تفاصيل نسبه وكثيرا من حياته محاولة للتقليل من شأنه حاله كحال كل من عارض سلطة الخلافة في المدينة إلا أن الثابت ان عنس بطن من بطون عشيرة مذحج الذي اقترن ذكرها في النقوش الحميرية المتأخرة كرديف للجيش الحميري (الخميس) في كثير من المعارك الحربية ضد بدو الصحراء وفي الدفاع عن السواحل اليمنية ضد الاحباش.
اسباب الانتفاضة الوطنية :
بعد اعتناق اليمنيين طواعية للاسلام كان املهم كبير في الخروج من دوامة الصراع بين مراكز القوى في الاقاليم بعد الفوضى التي احدثتها سلطة الاحتلال الفارسي في صنعاء وانعكس اثرها على كل الاقاليم اليمنية ، ولكن المتغيرات السياسية لدولة الخلافة في المدينة كانت مخيبة لأمال الاقيال في الطموح الى تأكيد استقلالهم الوطني من الاسرة الفارسية الحاكمة في صنعاء (الابناء) .. حيث ذهبت سياسة الخلافة في المدينه الى تثبيتهم وتوطيد سلطة الفرس في حكم اليمن و اعطتهم صيغة شرعية جديدة باسم الاسلام .. بعد ان قدم الحاكم الفارسي باذان ولائه للإسلام ليحافظ على سلطته الفارسية في حكم اليمن ، فقد كان اول حاكم تقره سلطة المدينة على اليمن .. والذي بدوره نصب ابنه شهر بن باذان الفارسي حاكم على صنعاء وهو ما اثار حفيظة الاقيال تجاه قرار سلطة المدينة في توطيد سلطة الفرس عليهم وإعطائهم الشرعية الجديدة لحكمهم .. هذا من جانب .. ومن جانب آخر فقد عرف اليمنيون العشور الدينية (التي اصبحت في الاسلام الزكاة) لعشرات القرون وكانوا يدفعونها للملك وللقائمين على المعابد وكانت تنفق في المصالح العامة لليمنيين وفي امور الدولة وفي الرعاية الدينية .. وبعد ان اقرها الاسلام كركن من اركانه كانت تصرف للفقراء من ابناء البلد كما امر الرسول الصحابي معاذ بن جبل حينما ارسله إلى اليمن " فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" بينما كان قرار الخلافة جمع كل خراج الاقاليم المفتوحة إلى المدينة فتحول عمال الخلافة في الاقاليم اليمنية إلى عمال جباية لأمراء قريش يجمعون خراج اليمن من عشور الزكاة وغيرها لينقلوها قوافل إلى المدينة ولم يتركوا منها شيء لفقراء اليمن كما تقضي بذلك مبادئ الاسلام ولم يتركوا شيء لمنافع اليمن العامة .. وهو ما اثار حفيظة اليمنيين وكان من أهم دوافع الانتفاضة الوطنية للاقيال اليمنيين الذين كانوا قد هبوا بحماس طوعية الى الرسول في المدينة للدخول في الدعوة الاسلامية ومناصرتها من مفهوم ومنطلق سياسي وتاريخي معين ، فعادوا بعد حين ليعارضوها ويعترضوا على تصرفاتها بنفس السرعة ونفس الحماس.
الثورة الوطنية بقيادة عبهلة:
انطلقت الحركة الوطنية بقيادة عبهلة في موقفها من منطلقين رئيسيين الاول اقتصادي والثاني سياسي ، ولم تكن الحركة الوطنية بقيادة عبهلة دافعها مقاومة النظام الضريبي الجديد الذي يتجاوز حدود طاقتهم فحسب بقدر ما انه كان يتلخص في اعتراضها على نقل كل خراج اليمن وحاصلتها الكبيرة الى المدينة ولم يبقى منه شي للإنفاق على المصالح العامه للمجتمع وفئاته الفقيرة وفق ما تقتضي به التعاليم الاسلامية ، فكان هذا هو أول دافع الحركة الوطنية للاعتراض على فرض نظام جباية جديد ومرهق لأهل اليمن ولا ينتفع به ابناء اليمن .
اما المنطلق الثاني لهذه الثورة فهو السياسي فقد كان اول قرار سياسي يصدر في المدينة فيما يتعلق بالسلطة في اليمن هو اقرار باذان بن ساسان جرون ، حاكما عليها ، وهو محتل اجنبي اللحم والدم واللسان، والذي كان وجوده ومن معه من الفرس كحكام بأسم فارس في اليمن هو اعظم تحدي سياسي ووطني ظل اليمنيون يقاومونه من خلال نفس الحركة الوطنية بقيادة عبهلة منذ ما قبل وصول الدعوة الاسلامية الى اليمن .. من تلك المنطلقات بدأت الحركة الوطنية تحركاتها الميدانية لتغيير الواقع المفروض من الفرس وحكام المدينة ، وفي 30 ديسمبر من العام 631 ميلادية تقريبا الموافق 17 من شهر ذو الآل 746 حميرية قاد الملك عبهلة ثلة من فرسان اليمن يصل عددهم إلى 700 فارس من اجل تحرير صنعاء من الفرس ووقعت معركة بينهم وجيش الفرس على ابواب صنعاء تمكن من خلالها الملك عبهلة وفرسان اليمن من هزيمة الجيش الفارسي وقتل الحاكم الفارسي في اليمن شهر بن باذان وتحرير صنعاء من الاحتلال الفارسي وبعد تحرير صنعاء سار إلى نجران واستولى عليها .. وأمر عمال الجباية من قريش بترك خراج اليمن من الزكاة والجزية وغيرها حتى تصرف لفقراء اليمن وشؤونها العامة فارسل رسالته الشهيرة " أيها المتوردون علينا امسكوا علينا ما اخذتم من ارضنا وامسكوا ما جمعتم فنحن اولى به وانتم على ما انتم عليه " فغادر عمال قريش اليمن إلى المدنية وانضمت إلى سلطة الحركة الوطنية بقية الاقاليم اليمنية باقيالها طواعية من عسير وحتى ارض البحرين (الخليج اليوم) فملك اليمن في 25 يوما كما ذكرته المصادر التاريخية.
فكانت ثورة عبهلة العنسي ومعد بن يكرب الزبيدي وقيس بن مكشوح المرادي والاشعث بن قيس الكندي وغيرهم من القيادات اليمنية البارزة ثورة وانتفاضة وطنية حقيقية .. ولم تكن ردة ولا خروجا ونقض عهد الرسوله وخليفته ابو بكر ، وعوده الى الكفر والجاهلية والوثنية وعبادة الاصنام وادعاء النبوة وغير ذلك مما درج عليه الرواة المتعصبون بلا فهم عقلي ، والمحدثون عن التاريخ من وجهة نظر معينه وبسذاجة لم تعد تقوى اليوم على الصمود امام مناهج العلم التاريخيه والاجتماعية الحديثه.
فتلك الانتفاضة كان سببها وأساسها الواقعي هو سوء تقدير القيادة السياسية في المدينه لسبب او لأخر للخلفيات السياسية والتاريخية والاجتماعية والحضارية التي كانت تكمن وراء استجابة اليمنيين الواسعة النطاق على اختلاف مستوياتهم للدعوة الاسلامية والدخول فيها ، والتي من اهمها طموحهم الى تأكيد وحدتهم مع اخوانهم في الشمال والقضاء على كل بقايا النفوذ الاجنبي في الجنوب ، وصولاً الى تكوين دوله تعيد ما كانوا قد افتقدوه من قوة ومنعه وتضمد ما كان قد استفحل من جراحات الصراع مع الغزاة الاجانب من الاحباش والفرس، لكنهم فوجئوا بنتائج شبه عكسية تماما،
الغدر والاغتيال السياسي :
بعد ان تم التحرير وفرار الفرس والقرشيين واستقر الامر للحركة الوطنية بقيادة عبهله وبعد مرور اقل من سنه تعرض الملك عبهلة لعملية اغتيال في فراشه تولى امرها فيروز الديلمي الفارسي بتمالوا مع سلطة المدينة .. فاستلم قيس بن مكشوح المرادي قيادة الحركة مع قادة الحركة الاخرين ومنهم ذو الكلاع الحميري الذي استلم خطاب من ابي بكر الصديق المشهور في الايام الاولى من خلافته بأمر تولية فيروز الديلمي ويطلب منه اعانة فيروز الديلمي باسترداد السلطة .. "أعينوا الابناء (اي ابناء الفرس وفيروز واحد منهم) على من ناوءهم واحوطوهم واسمعوا "من فيروز" وجدوا معه فاني قد وليته" .. وحينما علم قيش بن مكشوح بامر الرسالة ارسل إلى ذو العلاع برسالة كان مضمونها "إن "الأبناء" نزاع في بلادكم وثقلا عليكم وان تتركوهم لن يزالوا عليكم ، وقد ارى من الرأي ان اقتلوا رؤؤسهم وأخرجوهم من بلادنا" .. فوافقه ذو الكلاع الحميري ورفض أمر تولية فيروز على اليمنيين وكان فيروز قد ذهب هاربا ومتخفيا في احدى ضواحي صنعاء البعيدة في خولان ولم يعد لشخصيته اثر في التاريخ
****************
المراجع:
1- جمهرة الانساب .. علي بن حزم الأندلسي
2- الكامل في التاريخ - ذكر أخبار الأسود العنسي باليمن عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير.
3- عبهلة بن كعب بن غوث العنسي (الاسود العنسي) بين الردة والبطولة .. د/ حمود العودي
4- علي (جواد) : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام. دار الحرية، بيروت ط 1،
5-تاريخ اليمن في الإسلام ص96-104.