خطر عودة نظام الأقطاب للنظام الدولي علي المنطقة والانسانية ...
مكين الكوكباني ...
13 اكتوبر 2017
نبدأ هذا المقال بنبذة مختصرة عن النظام الدولي الذي ساد القرن الماضي.
(1)- نظام تعدد الاقطاب ساد الفترة (1900م - 1945م ) وأدي الي اندلاع الحرب العالمية الاولي والثانية وتسبب في إبادة اكثر من مئتين مليون من البشر وتدمير كامل للعديد من المدن.
(2)- نظام القطبين استمر لفترة (45)عام من(1945ﻡ – 1990م) كنظام دولي حاكم لتوازنات النفوذ والقوة والمصالح وتمكن من فك الاشتباك بين الكوريتين وايقاف الحرب الثلاثية على مصر في خمسينات القرن الماضي واستطاع إخماد أزمة الصواريخ في كوبا والتي كادت أن تؤدي الي ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ نووية بين القطبين وادار حروب الانابة في كل من فيتنام وافغانستان في فترات لاحقة.
(3)- لم يصمد نظام القطب الواحد سوي عشرون عام (1990م – 2010م) فقد كان العام (2011م) بداية افول القطب الاوحد.
(4)- عودة نظام تعدد الاقطاب للنظام الدولي منذ مطلع العام (2011م) وغالبا هذا النظام سيؤدي الى حرب عالمية ثالثة .
ولإسباب عديدة من اهمها ان نظام تعدد الأقطاب يطغي عليه الفوضى فخسارة قطب لمصالحه في مكان ما من العالم قد يفجر حرب عالمية وفيما يلي اهم المتغيرات في النظام الدولي القائم حاليا ...
أولا: تراجع هيمنة القوى الغربية علي النظام الدولي ...
بعد تحول الصين الي مصنع عالمي منذ ملطع الالفية الثالثة, تراجعت القوة الاقتصادية الغربية فتحولت الدول الغربية من ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ الي مستهلك, ونتيجة لذلك اضطرت الدول الغربية الي الاستدانة بهدف الحفاض علي المستوي المعيشي المرتفع لشعوبها الأمر الذي ﺍﺻﺎﺏ الغرب ﺑﺎﻹﺩﻣﺎﻥ علي الاستدانة من ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ما جعل من حقيقة الاقتصاد الغربي اقتصاد مفلس.
ثانيا; تراجع النفوذ الأمريكي على النظام الدولي ...
استنزفت الحرب الأمريكية في كل من افغانستان والعراق للاقتصاد الامريكي نتج عنها أزمة اقتصادية ضخمة في امريكا والعالم فجرتها ازمة الرهن العقاري عام 2008ﻡ وادت الي افلاس وانهيار كبريات المؤسسات والشركات الامريكية فدخلت الصين بما لديها من فائض ﻧﻘﺪﻱ ضخم واستحوذت ﻋﻠﻲ ﻣﻌﻀﻢ الشركات ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻴﺔ بأقل ﺍﻻﺳﻌﺎﺭ ودفعت مليارات الدولارات للحكومة الفدرالية الامريكية لإنقاذ الكثير من مؤسسات وشركات التامين والانتاج مقابل فوائد ضخمة, وايضا ساهمت الصين في استثمار فائضها النقدي في اذون الخزانة الامريكية بفوائد اضخم منها.
وايضا الوضع المريض للاقتصاد الغربي عموما والامريكي خصوصا يعني ان امريكا لم يعد لها القدرة علي تمويل أي حرب في المنطقة أو أي مكان اخر من العالم لذا كان قرار الرحيل الأمريكي من المنطقة العربية مشروط بتدمير المنطقة العربية حتي لا تتحول الي مزرعة خلفية للصين او ترس في دواليب الانتاج والقوة الاقتصادية الصينية الصاعدة.
ما يعني ان الاقتصادي الغربي في كل ﻣﻦ ﺍﻭﺭﻭﺑﺎ وامريكا يعاني من حالة افلاس بعد تحول الصين الي مصنع عالمي بعد احتكار أمريكي وأوربي استمر قرابة قرن.
ثالثا: نذر حرب عالمية ثالثة
بعد تراجع القوة الاقتصادية للغرب حاولت القوي الغربية تأسيس ما سمي بمجموعة الثمانية الكبار بهدف تقاسم النفوذ والمصالح وتعقد اجتماعاتها سنويا ثم تم توسيع العضوية بإضافة اثني عشرة دولة ست دول منها تعطي بما تأمر به القوى الثمان الكبار وست دول اخري تأخذ بما يمن عليها الكبار ايضا, الا ان الامريكي ظل متمسكا ومسيطرا علي القرار الدولي والكعكة العالمية وما يعنيه ذلك من اعطاء اولية للشركات والمصالح الامريكية علي حساب القوي الدولية الصاعدة التي سعت الي تأسيس مجموعة البركس لإزاحة التفرد الامريكي بالقرار الدولي ما يعني تزايد احتمالات المواجهة بين القوي الدولية المتصارعة وغالبا لن تكون تقليدية بل نووية لاسباب عديدة اهمها ان الاقتصاد الامريكي مستنزف ولا يتحمل حرب تلقيدية التي تحتاج الي موارد ضخمة وقد تستمر لوقت طويل، لذا لم يعد هناك خيارات سوي المواجهة النووية والتي غالبا لن تتجاوز الخمس السنوات القادمة علي أكثر الاحتمالات.
رابعا; اسباب التمسك الامريكي بالقرار الدولي ...
في وقت اصبح فيه الاقتصاد الامريكي يعاني من الضعف فأن أي تنازل امريكي عن السيطرة ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ الدولي يعني انهيار للاقتصاد الامريكي ما يعني ان الامريكي لن يتخلى عن سيطرته الحالية علي القرار الدولي ما يؤكد ان الانسانية مقبلة علي كارثة حرب عالمية ثالثة ...
فالمؤسسات الفدرالية جاءت بترامب كرئيس صاحب شخصية قوية ليقوم بدور البلطجي العالمي حتى يستمر الاستحواذ الامريكي علي القرار الدولي, واذا ما فشل ترامب في المهمة عند ذلك ستبدأ المؤسسات الفدرالية بالدور نفسه من حيث الذهاب خطوات نحو المواجهة مع القوى العالمية الأخرى ما يعني حتما حرب عالمية ثالثة مالم فعلي قادة وموظفي المؤسس
ات الفدرالية الامريكية مغادرة مناصبهم ووظائفهم في ظل مطالبات متزايدة لعدد من الولايات الامريكية بالاستقلال عن الدولة الفدرالية.
فالمشهد العام للقوة الامريكية اليوم هي المعاناة من حالة التراجع من مرتبة القوة الكبرى إلى مرتبة القوة العظمي إضافة إلى تراجع القوى الأوربية بعد الصعود الصاروخي للصين وروسيا ...
خامسا; القوي الدولية سباق وصراع علي النفوذ.
أفرزت الحرب في سوريا نظاما عالميا ودوليا جديدا يقوم على تعدد الاقطاب وكشفت أن الصراع في سوريا يدور بين محورين محور شرقي بقيادة الدب الروسي وظله الصين ومحور غربي قيادته الولايات المتحدة وظله القارة العحوز, أبرز مشاهد هذه الحرب الكونية أنها تتم بالإنابة عن المحورين تستعر وتتوقف اذا أختلف أو اتفق هذين المحورين.
وايضا هنام سباق صيني وروسي نحو وراثة ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻲ في اماكن عديدة من العالم، فالصين مثلا تريد ان يكون لها النفوذ على الخليج, الذي تخرج منه معظم الواردات الصينية من الطاقة, وهو التفكير نفسه بالنسبة لإيران فالقوة الامريكية لا تريد تدمير ايران بل تريد تغير النظام فقط بهدف الحفاظ على القوة الايرانية واستخدامها في المواجهة مع القوي الاسيوية الصاعدة التي تشير كل التقديرات إلى أن القرن الحادي والعشرين هو قرن اسيوي بامتياز مالم يأتي جديد حقيقي في المنطقة العربية يغير من معادلات القوة في عالم القوة اليوم
سادسا: المنطقة العربية وخطر عودة تعدد الاقطاب للنظام الدولي.
ظلت الدول المنتجة للسلاح تعاني من ﻣﺨﺰﻭﻧﺎﺗﻬﺎ من الاسلحة التقليدية وتحتاج الي مبالغ مالية للتخلص منها علي اعتبار أن قواعد المواجهة القادمة بين القوي الكبرى قد تغيرت ولن تكون المواجهة القادمة تقليدية بل مواجهة نووية فقط, فحاولت ﺗﻠﻚ الدول التخلص من مخزوناتها من الاسلحة التقليدية من خلال اشعال المنطقة العربية بالحروب بهدف التخلص من خردة الحديد والسموم والبارود وجني اموال طائلة من تلك الخردوات والسموم ...
سابعا; غياب محور الوسط
محور الوسط منعت من تزعمه ايران واقصيت عن قيادته تركيا بإقصاء اخوان مصر عن الحكم وعجزت السعودية ومصر في قيادته ....فمحور الوسط اذا حضر غابت بحضوره محاور الشرق والغرب.
ولمنع قيام محور وسط اتفق الغرب مع دول الخليج منتصف عام 2011م علي رفع سعر برميل النفط من خمسين دولار للبرميل الواحد علي ان تخصص دول الخليج تلك الزيادة لتمويل الفوضى في المنطقة العربية.
الا أن الغرب ظلت تراوده الشكوك والمخاوف حول توجه السعودية نحو التحالف مع الصين وتحولها الي ترس في دواليب القوة الصينية الصاعدة بحكم ميزان المصالح والتبادل التجاري الصيني والسعودي الخليجي القائم, ومخاوف من تحول الخليج الي حديقة خلفية للصين بعكس ما يخطط له الغرب في احتواء النفوذ الصيني في المنطقة مستقبلاً.
التوصيات ...
علي انظمة المنطقة ان تدرك الخطر المحدق بالمنطقة وان تعمل علي إطفاء الحروب والشحن الطائفي والتركيز علي بناء الانسان والتنمية الاقتصادية والابتعاد عن خطر محاور الصراع للقوي الدولية.