عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل , تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتواءم مع الأستبداد ، ويظهر فيه ما نسميه "المواطن المستقر" .
في أيامنا هذه , يعيش هذا المواطن في عالم خاص به وتنحصر إهتماماته في ثلاثة أشياء :
١- الدين
٢- لقمة العيش
٣- كرة القدم
*الدين* عند المواطن المستقر لا علاقة له بالحق والعدل ، وإنما هو مجرد أداء طقوس وأستيفاء للشكل ولا يتطابق غالباً مع السلوك الحسن .
فالذين يمارسون , بلا حرج , الكذب والنفاق والرشوة يحسون بالذنب فقط إذا فاتتهم أحدى الصلوات !!
وهذا المواطن لا يدافع عن دينه الا إذا تأكد أنه لن يصيبه أَذًى من ذلك .
فقد يستنشط غضباً ضد الدول التي تبيح جواز المثليين بحجه أن ذلك ضد إرادة الله , ولكنه لا يفتح فمه بكلمة مهما بلغ عدد المعتقلين في بلاده ظلماً وعدد الذين ماتوا من التعذيب !
ويفعل الفاحشة والفساد في بلاده جهراً وبعد ذلك يحمد الله !!
*لقمة العيش* هي الركن الثاني في حياة المواطن المستقر . فهو لا يعبأ أطلاقاً بحقوقه السياسية ويعمل فقط من أجل تربية أطفاله حتى يكبروا , فيزوج البنات ويشغل أولاده ثم يقرأ في الكتب المقدسة ويخدم في بيت الله حسن الختام .
أما *كرة القدم* , فهي تنسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها خلال 90 دقيقة . فهذه اللعبة تخضع لقواعد واضحة عادلة تطبق على الجميع .
*المواطن المستقر* هو العائق الحقيقي امام كل تقدم ممكن ، ولن يتحقق التغيير الا أن يخرج هذا المواطن من عالمه الضيق ويتأكد أن ثمن السكوت على الأستبداد , أفدح بكثير من عواقب الثورة ضده !!
مقالة *العبودية الطوعية* للمفكر "إيتيان دو لا بوسيه" ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق