يتساءل بعض المثقفين اليمنيين عن محصلة ندوة الثورة اليمنية بمناسبة العيد الأربعين لثورة ٢٦ سبتمبر ويبدو أن إعداد الندوة تم فى عجالة حجبت الهدف التى أقيمت من أجله، حيث كان منطق التاريخ يقتضى عدم قصر الحديث عن الخطوة الأخيرة لقيام الثورة وهى قيام الضباط الأحرار (الأبطال) بضرب قصر البشائر دون الحديث عن الخطوات (الأولى) التى سبقتها وجعلتها خطوة (أخيرة) ممكنة التحقيق بالغة الهدف .
فالحديث عن ضرب قصر البشائر بالدبابة يقتضى الحديث (أولا) كيف ومتى تم الاتفاق على وصول الدبابة إلى اليمن ؟
كيف ومتى تم بناء طريق الحديدة صنعاء حتى تصل اليها الدبابة من الحديدة ؟
كيف ومتى تعلم الضباط الأحرار إستخدام الدبابة ؟
كيف ومتى وافق الإمام أحمد على إنشاء جيش يتفوق على أسلحة القبائل ؟
كيف ومتى وافق الإمام على الإستعانة بالبعثة العسكرية المصرية الأولى ثم البعثة الثانية التى أنشأت مدرسة صف الصباط ومراكز تدريب الجنود ومدرسة المدرعات ومدرسة الطيران وإعادة فتح الكلية الحربية مع نشر الوعى القومى فالتأمت منهم مجموعة الضباط الأحرار (الأبطال) الذين قاموا بالخطوة الأخيرة وهى ضرب قصر البشائر وإحتلال الإذاعة وإعلان الثورة . ؟
كذلك يقتضى المنطق عدم إغفال الأحداث المصيرية وهى :
كيف ؟ ومتى ؟ ومن ؟ ذلك (المجهول) الذى أقنع الرئيس عبد الناصر بإلتزام مصرى مسبق من قبل قيام الثورة بدعمها سياسيا وعسكريا وإقتصاديا .
وهو الإلتزام المسبق الذى لولاه لما أقدم الضباط الأبطال على إطلاق طلقة واحدة على قصر البشائر ..!!
وكيف ومتى أذن عبد الناصر للثائر (المجهول) الذى (لا يريد ذكر إسمه ) (حتى لا يتهم بأنه يتحدث عن نفسه) بالحصول من المخابرات الحربية المصرية على شحنات الأسلحة والذخائر التى كان الثوار فى صنعاء وتعز يطلبونها من مصر لاستكمال إمكانيات القيام بالثورة؟ (راجع صفحة ١٨ كتاب شاهد على حرب اليمن للفريق صلاح الحديدى قائد المخابرات الحربية المصرية) .
وكيف ومتى أذن عبد الناصر لهذا (المجهول) بالدعوة إلى الثورة باسم الثوار الأبطال فى مجلة روزاليوسف (٢٣ أبريل ١٩٦٢) فنشر أهداف الثورة التى إقتنع بها الثوار ثم بدأ ينادى الشعب بالثورة الجذرية الجمهورية من إذاعة صوت العرب (يونيه ١٩٦٢) ..؟!!
ألم يكرر إذاعة أهداف الثورة فى ندائه الأخير من صوت العرب (مساء ٢٥ سبتمبر ١٩٦٢) لإقناع الثوار بزن مصر لا تزال ملتزمة بوعدها رغم برقيات التعزية المتبادلة بين البدر وعبد الناصر .
ورغم إعلان الإتحاد اليمنى بالقاهرة تأييد البدر ..؟َ!!
ألم تقم الثورة بعد بضع ساعات من إذاعة النداء الأخير وأصبحت أهدافها الحضارية المعلنة فى النداء الأخير دستور الثورة الأول (٣١ أكتوبر ١٩٦٢) .
ألم تسبق الخطوة الأخيرة (ضرب قصر البشائر) خطوات إستغرقت عشرة أعوام منذ ديسمبر ١٩٥٢ عندما طلب الإمام أحمد بواسطة الثائر (المجهول) عقد علاقة خاصة مع مصر فأقنع الإمام بإنشاء أول نواة جيش باسم حماية ولاية عهد البدر وكان متوسط أعمار الضباط الأحرار (حينئذ) نحو إثنى عشر عاما حيث كانت أعمارهم (عند) قيام الثورة عام ١٩٦٢ تترواح بين عشرين وأربعة وعشرين عاما ..؟
ألم يكن عند بداية (الخطوات الأولى ١٩٥٢ (أكثر) ضباط (الخطوة الأخيرة ١٩٦٢) طلبة فى بداية المرحلة التعليمية و (أقلهم) طلبه فى مصر فى المرحلة الثانوية تحت إشراف الثائر (المجهول) الذى كان مستشارا للمفوضية اليمنية ونائبا للمندوب الدائم لدى الجامعة العربية والمشدف على البعثة التعليمية فى مصر ..؟
فلم يكن منتظرا من (ضباط الخطوة الأخيرة) أن يتحدثوا (كقياديين) عن الخطوات الأولى التى يعرفونها ولا يذكرونها لأنهم (محرجون) من ذكرها حتى (لا ينسبون) فضلها لمن زرعها ورواها حتى أينعت ثمارها بالخطوة الأخيرة يوم ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢.
لذلك حشرت الندوة حديثها فى الخطوة الأخيرة فلم تسجل تاريخ الثورة وإكتفى من شارك فيها بالحديث عن دوره فى الخطوة الأخيرة (وهذا حقه الشرعى) .
وليت الندوة أنصفت ضباط الخطوة الأخيرة قال الأخ الفاضل العميد يحي المتوكل وهو يتحدث باسم الثوار أن (موت الإمام جعلنا نتحرك ونقرر القيام بالثورة دون برنامج أو تصور لما بعد الثورة) (صحيفة ٢٦ سبتمبر ٢٣ سبتمبر الصحيفة الخامسة) أى أن الثورة (حسب شهادته) قامت (دون برنامج) وبذلك تعتبر من الناحية (القانونية) جريمة شروع فى قتل إمام خاب أثره لهروب البدر بغير دخل من إرادة الجناه (الثوار فى هروبه) .
أليس الفارق بين الشروع فى قتل الإمام وبين الثورة على نظامه هو برنامج وطنى يبرر الثورة عليه باسم الشعب ونهضته الحضارية ..؟!!
حقيقة الأمر أن الثورة قامت على أهداف وطنية جمهورية أعلنها الثائر (المجهول) من إذاعة صوت العرب (كما سبق الإيضاح) وكانت أهدافا متفقا عليها بين الثوار ومحفوظة لدى الزميل الثائر البطل الفريق حسن العمرى ضمن وثائق تشكيلات الثورة التى كان متفقا على إذاعتها فى أول بيان للثورة .
لكن المذيع الفسيل قام بتغييرها وكتب فى مجلة الحوادث اللبنانية (٩ فبراير ١٩٧٣) فخورا بأنه رفض أن يكون الثائر (المجهول) رئيسا للوزراء وعين مكانه القاضى الإريانى فرفضه المشير السلال قائلا (أنتم ورطونى فى الثورة فعل الأقل إعملونى رئيسا للوزراء) وإستطرد الفسيل قائلا (فعملناه رئيسا للوزرآء وعينا) (المجهول) وزيرا للإقتصاد) ثم أضاف الفسيل إهانة أخرى للمشير السلال فنشر فى صحيفة (٢٦ سبتمبر ٢٥ سبتمبر ٢٠٠٢ صفحة ١٣) ما نصه :
(قالوا لابد من شخصية عسكرية كبيرة تقود الثورة قلنا أمامكم عبدالله السلال وعبدالله الضبى، والضبى لن يغامر معكم لكن السلال يعامر معكم وأيضا السلال، مالوش شخصية ولا قبيلة) حيث أنه شخصيته لا تتمتع بشعبية لكنهم إتفقوا عليه) .
ونشرت صحيفة الثورة (٢٥ سبتمبر ٢٠٠٢) محاضرة وصفتها بأنها (متميزة) بينما هدمت كل أعمال النودة حيث نقلت عن الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد جامعة القاهرة أنه أوضح فى الندوة (ما تلعبه السياسة فى تزييف الوثيقة (التاريخية) بشكل أو بآخر خصوصا عند تبدل السياسات وتقلب مناخاتها وتوجهاتها بحيث يتم التدخل فى هذه الوثيقة بالحذف والتبديل بما يتواءم مع الظروف السياسية (الراهنة) .
أليس هذا (فعلا) ما عاب الندوة فاقتصرت على حديث الخطوة الأخيرة وكأنها (سقطت) فجأة من (رحم العدم) ..؟!!
ومن لديه إجابات على هذه الأسئلة أو وثائق (مناقضة) فليتفضل مشكورا بنشرها لاستكمال توثيق تاريخ الثورة .. بارك الله جميع أبطالها ..
خلاصة الخلاصة ..
صدق الدكتور أحمد يوسف ..
لم يقصد أنصاف (الثائر المجهول) لكنه أنصفه ..!!
ربى .. إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى ..
(صحيفة الأيام ٩ أكتوبر ٢٠٠٢)”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق